بعد أن هزم إبراهيم باشا جيش عثمان باشا اللبيب في سهل الزراعة جنوب حمص، أرسل السلطان محمود الثاني جيشا آخر بقيادة حسين آغا باشا (بطل معركة الإنكشارية) سار عسكر الجيش، ومعه فرمان بعصيان محمد علي لاستخدامه في حشد أهالي الشام ضد إبراهيم باشا وجيشه! ولكن بعد أن انكسرت ثلاث جيوش في أقل من عام واحد وأكثر من سبع مواجهات مع إبراهيم باشا وجيشه، اضطر السلطان محمود إلى أن يجلس مع محمد علي على طاولة المفاوضات منعا لعزله واسقاط دولته، والذي كان وشيكا..!
ووصل خبر الاتفاق إلى الإسكندرية في 5 مايو في سفينة حربية تحمل خبر تسليم الباب العالي بأضنة، فأمر محمد علي باشا أن ترفع المراكب والسفن زينتها كاملة، وأن تطلق المدافع في رأس التين وقاعة الجبل بالقاهرة وجميع قلاع البلاد. وفي 6 مايو اصدر السلطان محمود الثاني نص الفرمان السلطاني الآتي:
«إن تأكيد الأمانة والإخلاص الذي قدمه في العهد الأخير والي مصر محمد علي باشا وولده إبراهيم باشا، قد لقي الحظوة لدينا، فنُوجه إليهم رضانا العالي الشاهاني، وأثبت في ولاية كريت ومصر محمد علي باشا. ونظرًا لالتماسه الخاص، وليته مقاطعات دمشق وطرابلس الشام، وصيدا، وصفد، وحلب، وإقليمي القدس ونابلس، وحراسة الحج، وقيادة الحردة. ونال ابنه من جديد من عطفنا الشاهاني لقب شيخ الحرم المكي، وولاية جدة. وفوق هذا قد أجبنا ملتمسه بشأن إدارة مقاطعة أضنة التي يديرها إدارة الجفالك الشاهانية، وذلك بلقب محصل..»
ولم يضع اتفاق كوتاهية حدًا للمشاكل والعداء بين محمد علي والباب العالي، وإنما كان هدنة قصيرة يُلملم السلطان شتات نفسه ودولته الواهنة، ويستعد لجولة جديدة مع واليه العنيد، فانتهز فرصة مشاكل الحدود، والتي أثارها إرسال إبراهيم باشا جنوده إلى أورفا (جنوب الأناضول) لصد غارات البدو، وثانيها الإتاوة التي كان يدفعها محمد علي عن البلاد التي ضمها لحكمه. فاندلعت المواجهات المصرية العثمانية الثانية بعد ست سنوات فقط. ولنا معها وقفة أخرى..
* الصورة للسلطان محمود خان الثاني، السلطان الثلاثين للدولة العثمانية، والذي حكم منذ عام 1808 وحتى 1839م، وتوفي عن 54 عاما.
شاهد حلقتنا عن معارك الشام والاناضول
#وقال_الراوي